كم من المرات ضاقت واستحكمت حلقاتها وظننت أنها لا تنفرج؟ كم من المواقف ضاقت عليك فيها الأرض والسماء بما رحبت؟ على أن أفضل الحلول لمثل هذه المواقف، هو قراءة قصص من مروا بمثل هذه الشدائد، وانتقلوا من باب لآخر يرفضهم، مصممين على العثور على الباب الذي سيفتح لهم ويتقبلهم، ومن ضمن هؤلاء الأمريكي بيل بورتر Bill Porter، الذي استحق صبره وإصراره أن تتحول قصته إلى فيلم سينمائي… هذا إعلانه:
جاء ميلاده في عام 1932، ونتيجة لبعض المشاكل أثناء عملية الولادة، اضطر الأطباء لسحبه بمقبض من رأسه، لكن المقبض هذا تسبب في حدوث تلف جزئي في المخ (شلل دماغي) نتج عنه خلل في الجهاز العصبي المتحكم في طريقة الكلام والحركة والفخذين. حين أخذ يكبر، كان ظن المحيطين به أنه معاق ذهنيا، وكان التقييم الحكومي له أنه إنسان غير قادر على العمل، وقال الطبيب أنه عاجز عن العمل، فيده اليمنى كانت حملا ثقيلا لا حياة فيه، وكان كلامه متعثرا بطيئا غير مفهوم بسلاسة!
لكن رحمة الله تمثلت في صورة والدته التي كررت على مسامعه مرات ومرات أنه قادر على العمل والحصول على استقلاله، كل ما يحتاجه الأمر هو الصبر والإصرار، ولتعينه على التذكر، كانت أمه تكتب له هاتين الكلمتين بصلصة الطماطم الحمراء على خبز السندوتش الذي تعده له ليأخذه معه في جولاته. عملا بنصيحة والدته بأنه إذا استطاع تخيل شيء فهو قادر على تحقيقه، وبعد تفكير داخلي طويل هداه إلى أنه أمام قرارين لا ثالث لهما: يمكنه أن يكون ضحية لظروفه، أو أن يرفض أن يكون ضحية لظروفه! كان الحل الذي توصل إليه هو أن يعمل، ولم يجد سوى أن يكون رجل مبيعات، ربما مقلدا لوالده الذي عمل في الوظيفة ذاتها.
على أن تحويل القرار هذا لواقع فعلي لم يكن سهلا، فالشركة تلو الشركة رفضته، تارة لعجزه وتارة لقصوره، حتى فاض به من الرفض، فدخل على مسؤول البيع في شركة واتكنس Watkins Company وعرض عليه أن يعطيه فرصة بيع منتجات الشركة في أصعب الأماكن والتي لا تهتم بها الشركة، فوافق هذا الأخير ربما ثقة منه أن هذا المتعثر في كلامه لن ينجح في مسعاه هذا، وكان الاتفاق على أساس العمولة لا الأجر الشهري.
كان أول باب يدق بيل جرسه في عام 1959 واستلزم الأمر منه الكثير من الشجاعة ليفعل ذلك، وكان الرد برفض شراء بضاعته، وكذلك جاء رد الباب الثاني والثالث والكثير. مرض بيل جعله يطور نوعا داخليا من المهارات جعلته لا ييأس سريعا، فهو كان يعود مرة أخرى لدق الأبواب التي رفضته، عارضا على أصحابها منتجات أخرى غير التي رفضوها. كان بيل يقول لنفسه دائما، الباب المقبل سيفتح لي وسيقبل الشراء مني، وكان يكررها المرة تلو المرة حتى تتحقق.
على مر عشرات السنين، لم يتغير جدول بيل اليومي، فهو يستيقظ مبكرا ويقضي ساعة ونصف في الاستعداد للخروج، وبعدما تركت أمه بيته بسبب مرضها الشديد، كان يذهب إلى محل لتلميع الأحذية، ليقوم العامل هناك بعقد رباط حذائه إذ أنه لا يقدر على ذلك بنفسه، ثم يمر على فندق ليقوم العامل هناك بقفل أزرار قميص بيل وعقد رابطة عنقه، ومهما كان الجو صحوا أو ممطرا، دأب بيل على السير مسافة 7 إلى 10 أميال في محيط المنطقة التي يبيع فيها، حاملا حقيبة فيها منشورات بيع وفواتير، وحين كان يجد من يشتري منه، كان يطلب من المشتري أن يكتب هو بنفسه فاتورة البيع، لأن بيل لا يستطيع أن يمسك قلما!
ذات يوم اشتدت فيه العاصفة الثلجية، لم يتمكن بيل من سير المسافة التي اعتادها، فلم يجد بدا من أن يحبوا على قدميه ورجليه، ليبلغ آخر باب في حصته اليومية، وليدق عليه، عارضا بضاعته. ماذا قال بيل عن هذا اليوم وهذا الزحف؟ لقد كان من أفضل أيامي، فبسبب الجو العاصف، كان الكثير من الناس في بيوتهم، ما مكني من عرض بضاعتي عليهم.
بعد 14 ساعة في الطرقات، بعد السابعة مساء بقليل، يعود بيل إلى بيته، مليئا بالأوجاع ويقتله الإرهاق، لكنه لا ينام قبل أن يكتب بإصبعه الوحيد الذي يستطيع التحكم فيه، على آلة كاتبة، ليشرح للسيدة التي استأجرها عناوين المشترين ومشترياتهم، لتقوم هي بتسليمها إليهم. حين كان ينام بعد يومه الطويل، كان يضبط المنبه على الساعة 4:45 صباحا ليعاود الكرة من جديد.
في عام 1993، وبعد وفاة والدته قبلها بأعوام، اضطر بيل لإجراء عملية في ظهره تركته غير قادر على العمل لشهور، انقطع فيها دخله، الأمر الذي جعله يخسر بيت والدته الذي كان يعيش فيه لتوقفه عن دفع أقساط رهنه، لكن السيدة التي استأجرها عملت هي وزوجها لشراء هذا البيت من الدائنين ثم سمحت لبيل بأن يستأجره منهم بثمن بخس. هذه السيدة ألفت فيما بعد كتابا عنونته: 10 أشياء تعلمتها من بيل بورتر.
بمرور الأيام والأسابيع والشهور والسنين، زاد عدد الأبواب المفتوحة له، وبدأت أرقام مبيعاته تزيد ببطء، وبعد مرور 24 سنة في البيع، تحقق حلمه، وأصبح أفضل رجل مبيعات في الشركة التي ظل يعمل لها حتى وقت كتابة هذه السطور، وظل محافظا على هذا اللقب لفترة طويلة جدا، حتى أصبح أفضل رجل مبيعات في تاريخ الشركة من حيث النتائج. رغم تطور وسائل البيع، إلا أن بيل بقي متمسكا بالبيع من باب إلى باب.
بلغ بيل بورتر 76 ولا زال يبيع، وبعد أن صدمته سيارة في عام 1997، ومع كبر سنه وضعف قوته، اضطر إلى البيع عبر الهاتف وعبر انترنت (رابط صفحة متجره)، ولا زال يبيع إلى 500 من عملائه، من داخل غرفته الصغيرة.
لماذا كان بيل يجاهد التعب والرفض والإرهاق؟ لأنه آمن من داخله أنه قادر على تحقيق حلمه، وأنه أقوى من قبول رأي المجتمع فيه بأنه عاجز. إنه يقول لنا بشكل غير مباشر، إذا كنت أنا قد فعلتها، فكذلك أنت قادر على فعلها، كل ما عليك هو الانتقال من باب إلى باب، غير مكترث بالرفض، حتى يفتح لك باب الأمل.
على الجانب: ابحث عن شركة تريد استئجار خبير شبكات اجتماعية بدوام جزئي، ليتولى رعاية صفحتها على فيسبوك وعلى تويتر، لصنع قناة اتصال مع المبيعات، تؤدي في النهاية لزيادة المبيعات. أرجو من مثل هذه الشركة التواصل معي.
اجعل العالم يعرف بهذه التدوينة:
المصدر
http://www.shabayek.com/blog/2011/10/24/%D9%85%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A2%D8%AE%D8%B1/