هذه التدوينة مهداة لكل من يسألني أنا أدرس كذا لأن أهلي يريدون ذلك، لكني أحب ذاك وأريد دراسته فبما تنصحني. كان سن تيم بيرير Tim Bearer 22 سنة، وكان يدرس علم المحاسبة في جامعة كاليفورنيا USC وبعد إتمامه لفصلين دراسيين، تيقن من أنه لا يحب المحاسبة، ولا يريد قضاء بقية حياته يعمل فيها، وأيقن كذلك أنه يحب العصامية (انتربتورشيب Entrepreneurship) وأنه يريد دراستها والتعمق فيها. (الصورة التوضيحية التالية لا علاقة لها بهذه القصة).
كان في الجامعة ذاتها قسم لدراسة الأعمال، توفر فيه مادة العصامية، وكما هي العادة في هكذا قصص، كان متوسط درجات تيم لا يؤهله لدخول هذا القسم الذي تتطلب درجات أعلى. ولزيادة الحبكة الدرامية، لم يكن هناك أماكن شاغرة (=خالية) في القسم وهو ما شكل عقبة هائلة أمامه.
أذكر في الماضي انتقاد البعض لي بأني منبهر بالغرب، لكنك حتما ستوافقني أنه حينما يوفر النظام التعليمي الفرصة التالية، فهو نظام يستحق الإشادة به، في الغرب كان أو في الشرق… كانت كل الطرق الرسمية مغلقة أمام تيم، فلم يجد سوى أن يحضر في كل درس من دروس المواد السبعة اللازمة للحصول على شهادة التخرج، وكان يسجل اسمه، ثم ينتظر حتى إذا قرر أحد الطلاب أنه لا يريد إكمال دراسة هذه المادة، حل هو مكانه وحصل على درجات المادة.
على مر سنتين، أكمل تيم دراسة 7 مواد بهذه الطريقة، حتى إذا أتم كل ما يلزمه للحصول على شهادة التخرج، دخل على مكتب عميد الجامعة، وشرح له ما حدث معه وما فعله، وكيف أنه درس بنجاح كل المواد، رغم أنه لم يسجل اسمه – رسميا – في هذا القسم. رغم شعور العميد بالدهشة، لكن الانبهار بدا واضحا عليه أيضا.
“يبدو لي أنك عصامي بكل ما تحمله الكلمة من معاني، ولا أدري كيف يمكن لن أن أرفض طلبك هذا”. كان هذا تعليق العميد، الذي وافق على طلب تيم، ليتخرج بعدها رسميا في المجال الذي يحبه، رغم أن درجاته لم تؤهله، ورغم عدم وجود أماكن خالية لإشراكه في هذا البرنامج.
لا بد لنا إذا أردنا النهوض ببلادنا أن نصلح نظام التعليم العقيم في بلادنا، الدراسة يجب أن تكون مشروطة بقياس قوة رغبة الراغب في التعلم. في الماضي الجميل، كان شيوخ العلوم يجلسون في حلقاتهم، وكان طالب العلم يجلس لهم ويستمع، فإن وجد ما يرضيه أكمل، وإلا قام ليفسح المجال لغيره، وذهب هو ليجلس في حلقة عِلم أخرى. هذه الحلقات هي التي أخرجت لنا علماء الدين والدنيا الذين نتباهى بهم.
كذلك، لا بد وأن تجد جامعاتنا عمداء يحبون العلوم ومحبيها، ويشجعون على حب العلوم، جامعات تريد إخراج علماء مبدعين، لا إخراج مشغلات موسيقى تعيد تشغيل ما سجلوه فيها.
مرة أخرى، بحثت عن إنجازات أخرى وحديثة أذكرها لتيم، فلم أجد. إنهم أناس عاديون مثلنا، تمسكوا بحقهم في تحقيق حلمهم، وأن يعيشوا وفق ما يريدوه هم، ونجحوا في ذلك.
الصورة المنشورة مع التدوينة هي للبطل أوسكار بيستوريس، يمكن معرفة المزيد عنه على صفحات ويكيبيديا، وعبر موقعه.
المصدر:
مدونة شبابيك
http://www.shabayek.com/blog/2011/03/13/%D9%84%D9%83%D9%84-%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%B9-%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%83-%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%B1/#more-2287baha elamin